إن الأديان السماوية هي -أولًا وأخيرًا- ليست إلا رسالة سلام إلى البشر، بل أزعم أنها رسالة سلام إلى الحيوان والنبات والطبيعة بأسرها، وعلينا أن نعلم أن الإسلام لا يُبيحُ للمسلمين أن يُشهروا السلاح إلا في حالة واحدة هي دفع العُدوان عن النفس والأرض والوطن، ولم يحدُث –قط- أن قاتل المسلمون غيرهم لإجبارهم على الدخول في دين الإسلام، بل إن الإسلام لا ينظُر لغير المسلمين -من المسيحيين واليهود وغيرهم- إلا من منظور المودة والأُخوة الإنسانية، وهناك آيات صريحة في القرآن -لا يتسع لذكرها المقام- تنص على أن علاقة المسلمين بغيرهم من المسالمين لهم -أيا كانت أديانهم أو مذاهبهم- هي علاقة البر والإنصاف. ويكفي أن نذكر -هنا- بأن الإسلام الذي نزل على محمد ﷺ يُقدم نفسه بحسبانه الحلقة الأخيرة في سلسلة الدين الإلهي، كما يُقرر أن أصل الدين واحدٌ في جميع هذه الرسالات. ومن هنا: يذكر القرآن التوراة والإنجيل بعبارات غاية في الاحترام، ويعترف بأثرهما القوي في هداية البشرية من التيه والضلال؛ ولذلك يصف الله تعالى -في القرآن الكريم- كلا من التوراة والإنجيل بأنهما (هدى ونور)، كما يصف القرآن نفسهُ بأنه (الكتاب المصدق لما سبقه من الكتابين المقدسين: التوراة والإنجيل).