القول الطيب - الجزء الثاني
عن الكتاب:
كتاب لا يشبه الكتب التي يتناولها المؤلفون عبر أبواب وفصول، ومقدمة وخاتمة، يديرونها على موضوع واحد، يحللونه ويسبرون غوره ويستدعون ما يرتبط به من موضوعات أخرى، لها بالموضوع الأصل وشائج قربى ونسب.
فهذا الكتاب لم يقصد فضيلة الإمام إلى كتابته على نسق التأليف والتصنيف، لأنه يتألف من كلمات ألقيت في مناسبات عدة، وأماكن مختلفة؛ لتوائم ظروفا خاصة، وملابسات معينة، إن يكن قد بعُد العهدُ ببعضها، فإنَّ بعضها الآخر لا تزال كتابته غضة طرية.
سبب تأليف الكتاب:
يذكر فضيلة الإمام في طليعته الدافع وراء جمع هذه الكلمات التي ألقاها فضيلته خلال الأعوام السابقة، فيقول: وقد دعاني إلى جمع هذه الكلمات وضم بعضها إلى بعض في هذا الكتيب أمران:
الأمر الأول: أنَّ هذه الكلمات تدور في أعمق أعماقها على محور واحد هو «البحث عن السلام»، وأن السلام المفتقد منظور إليه في هذه الكلمات من زاوية واحدة تشكل الخلفية الثابتة لهذه الكلمات، وهي العلاقة الوثقى التي لا تنفصم بين الإسلام والسلام بكل تجلياته ومظاهره، على المستوى الفردي والجماعي، والمحلي والعالمي.
الأمر الثاني: أن هذه الكلمات، وإن كتبت في أزمان متفرقة، إلا أنها كتبت في زمن قلق متوتر، يملؤه الشعور بالخوف من المستقبل المجهول، وتوقع الأسوأ في كل ما هو قادم ومرتقب، هذا هو زمن ما بعد الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001م، والذي بات وكأنه يمثل حدًّا فاصلًا، في شرقنا العربي الإسلامي، بين ماضٍ قريبٍ جرت أيامه على نهج الرتابة والركود والملل والصبر على المكاره، حتى وإن نعم فيه الناس بقدر كاف من الشعور بالسلام والاستقرار، وبين حاضرٍ مليء بالخوف والترقب وافتقاد الأمن، وعودة الحروب والدماء والأشلاء، وسقوط عواصم كبرى طالما ضربت حضارتها بسهم وافر في أعماق التاريخ السحيق.
ولعل ما تحمله صفحات ها السفر من مقالات وغيرها يعبر عما أردت التعبير عنه، ويبين عن منهجي الذي ارتضيته في كل منحى من مناحي القول، وسوف يجد القارئ المتمهل في هذا السفر الضخم موقفًا ثابتًا يتمثل في البحث عن «السلام» والدفاع عن الدين الذي احتضنه وقدَّمه حقًّا مكفولًا للإنسان والحيوان والنبات والجماد.