لقد بادَرَ فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف في عام 2011م، على إثْرِ بعضِ الأحداث التي هدَّدَتِ الوَحدةَ الوَطنيَّةَ والعَيْشَ المشترَك، إلى إنشاءِ "بيتِ العائلةِ المصريَّة"، ثم تَوالَتِ الوَثائقُ والبياناتُ بين عامي 2011 و2013، والتي أكَّدت الاهتمامَ بالرِّسالةِ نفسِها: رسالةِ المواطَنةِ والوَحدةِ الوطنيَّةِ والحريَّاتِ والعَيْشِ المشترَكِ (الإسلاميِّ - المسيحيِّ) في مصرَ وبَقِيَّةِ الأقطارِ العربيَّةِ.
وفي عام 2014 عندَما عقد فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر مؤتمرًا عالميًّا ضدَّ التطرُّفِ والإرهابِ، دعا إليه سائر القِياداتِ الدِّينيَّةِ والطوائفِ، وصدَرَ بنهايتِه بيانٌ يَتَضمَّنُ توصياتٍ أكَّد فيها المعانيَ ذاتَها، وهذا كلُّه فضلًا عن دَأَبِ فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ شيخِ الأزهرِ رئيسِ مجلس حُكَماءِ المسلِمين على استِقبالِ القيادات الدِّينيَّة المسيحيَّة من مصرَ والعالم، والعنايةِ الفائقةِ بقَضايا العَيْشِ (الإسلاميِّ-المسيحيِّ) في الشرقِ، والسلامِ العالميِّ، خلالَ زياراته للفاتيكان وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا وألمانيا وسويسرا، ونيجيريا وإندونيسيا، ولقاءاتِه بالمنظَّمات والهيئات المهتمَّة بالحوار والسِّلم الدولي.
حيث إن فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر كان ينظر في هذا السِّياقِ إلى مُشكِلات العَيْشِ والتنوُّعِ والاختِلافِ الدِّينيِّ والثقافيِّ بمنطِقِ القِيَمِ وليس بمنطق القِلَّةِ أو الكَثرةِ، ويَعتبر أنَّ هناك هواجسَ مشتركةً ومخاوفَ وتوجُّهاتٍ أظهرَتْها أحداثُ السنواتِ الماضية، وهي تستَدعِي التفهُّمَ والإصغاءَ والتشاوُرَ المشتركَ والمعالجةَ من مواقعِ الحرصِ والمسئوليَّةِ.
وفي السنواتِ الماضيةِ أيضًا قامت جهاتٌ مسيحيَّة مثل: مجلسِ أساقفةِ الشرقِ، وهيئاتٍ مسئولةٍ من فلسطينَ ومصرَ، ومجلسِ كنائسِ الشرق الأوسط - بمُبادراتٍ إيجابيةٍ في مجالاتِ العَيْشِ والانتماءِ المشترَكِ، وهي بياناتٌ وإعلانات دالَّةٌ على الإرادةِ الطيبةِ التي تَحدُو شُرَكاءَ هذا العيشِ التاريخيِّ إلى المبادَرة بِرُوحِ المسئوليَّةِ والحِرصِ على اجتماعِنا العربيِّ والمشرقيِّ والإنسانيِّ الجامعِ في الحاضرِ والمستَقبَلِ.
ولقد تَوجَّه شُرَكاءُ العَيْشِ المشترَكِ جميعًا بوَثائقِهم وبياناتِهم الحافلةِ بالثقةِ والأمَلِ إلى صُنعِ مُستقبَلٍ واحدٍ بإرادةٍ جادَّةٍ تَستَدعِي الاستجابةَ المُلائِمةَ للتحدِّياتِ والتوقُّعاتِ.
ولذا فإنَّ فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهرِ، وبحُكمِ الموقع والمسئوليَّةِ وضَرورةِ مُواجَهةِ المشكلاتِ التي تهددُ هذا العيشَ المتنوِّعَ، وترجمةً واقعيَّةً لما بُذِلَ من جهودٍ، واعتناء بالمبادراتِ المسيحيَّةِ الشرقيَّةِ - دعا إلى عَقدِ مؤتمرٍ عالمي يوم 28 فبراير -1 مارس، تحت عنوان: مؤتمر الأزهر الدولي" “الحرية والمواطنة .. التنوع والتكامل” بالقاهرة العامرة، يَتلاقَى فيه علماءُ ورجالُ دِينٍ ومُفكِّرون ومُثقَّفون وأهلُ رأيٍ ومعرفةٍ وخِبرةٍ من المسلمين والمسيحيِّين العرَبِ، ووُجَهائهم وشَخصياتهم المدَنيَّة؛ للتداوُل في قضايا المواطنةِ والحريَّاتِ والتنوُّعِ الاجتماعيِّ والثقافيِّ، والأبعاد المشرقيَّة والعالميَّة للتجربة العربيَّة الإسلاميَّةِ والمسيحيَّةِ في العَيْشِ المشترَكِ والمُتنوِّعِ، وقضايا هذا العَيْشِ ومُشكِلاته وتحدياته؛ وذلك للنظرِ في الإمكانيَّاتِ المتجدِّدةِ للحاضِرِ والمستقبَلِ، والعملِ معًا على التفكيرِ بعقدٍ توافقيٍّ جامعٍ ومُتَكافِئٍ يتمتَّعُ بمُقتَضاه الجميعُ بالحريَّةِ والمسئوليَّةِ والانتماءِ الحُرِّ، والحقوقِ الأساسيَّة، والرُّؤيةِ الواعدةِ للمُستقبلِ، راجيًا أن يُفضِي التفكيرُ معًا في قضايا عيشِنا ومُستقبلِنا إلى صُدورِ "إعلانِ الأزهرِ للعَيْشِ الإسلاميِّ المسيحيِّ المشترَكِ"، الذي يَقتَضِي العيشَ سويًّا في ظلِّ المواطَنة والحريَّة والمشارَكة، وهي الرسالةُ التي يُوجِّهُها الأزهرُ ومجلس الحكماءُ، ويُوجِّهُها عُلَماءُ الدِّين ورجالُه، وأهلُ الرأيِ والخبرةِ والمسئوليَّةِ من الفريقَيْنِ إلى الشُّعوبِ العربيَّة وصُنَّاع القَرار فيها، وإلى شُعوبِ العالم كافَّةً، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]، {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: 44].
كلمة شيخ الأزهر
بمؤتمر الأزهر العالمي الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامُل
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد؛
السَّـادة أعـلام المنصَّـة!
الحــَفْـــل الكَـــــريـم!
فباسم الأزهر الشريف، وباسم مجلس حكماء المسلمين أُرحِّب بحضراتكم أيتها السيدات والسادة! وترحب بكم مصر الكنانة، وتُعرب معي عن سعادتها بهذا المؤتمر البالغ الأهمية، والذي يُعْقَد في ظروفٍ استثنائيةٍ وفترة قاسية تمرُّ بها المنطقة، بل العالَمُ كله الآن، بعد أن اندلعت نيران الحروب في منطقتنا العربية والإسلامية، دون سبب معقول أو مُبرِّر منطقي واحد يتقبله إنسان القرن الواحد والعشرين..
ومن المدهش، بل من المحزن والمؤلم، تصويرُ الدِّين في هذا المشهد البائس وكأنه ضِرام هذه الحروب، وزُيِّن لعقولِ الناس وأذهانهم أن الإسلام هو أداة التدمير التي انقضت بها جدران مركز التجارة العالمي، وفُجِّر به مسرح الباتاكلان ومحطات المترو، وسُحِقَت بتعاليمه أجساد الأبرياء في مدينة نيس وغيرها من مدن الغرب والشرق، إلخ ما نأسى له من هذه الصور الكارثية المُرعبة التي تزداد اتساعًا وقَتامًا، مع تنامي التطرُّف وتقلص الحَيِّز الصحيح في فهم حقيقة الأديان الإلهية، ومغزى رسالات الأنبياء التي تصطدم اصطدامًا مدويًّا، بكل التفسيرات المغشوشة التي تُتنكَّب بها طريق الأديان، بل وتُخطف بها النصوص المقدسة لتصبح في يد القِلَّة المُجرمة الخارجة عليها، وكأنها بندقية للإيجار، لِمَن ينقد الثمن المطلوب من سماسرة الحروب وتُجَّار الأسلحة، ومُنظِّري فلسفات الاستعمار الجديد.
وحسبك أن تمعن النظر في هذه الشرذمة، وفي أمرها العجيب حين ترفع راية واحدة هي «راية الإسلام»، ثم لا تلبث أن يكرَّ بعضه على بعض بالتخوين والتكفير، لتعلم أن القضية برُمَّتها ليست من الدين لا في كثير ولا قليل، وأنَّ المسألة هي توظيف الإسلام في هذه الدماء توظيفات شتَّى تذهب فيه من النقيض إلى النقيض..
وأمر آخرُ يضع أيدينا على مكمن الزيف في هذه الدعوات الدموية، هو: أنَّ المسألة عند أصحابها لم تكن مسألة تصويب لدين زعموا أنه انفرطَ عِقدُه، وأن عليهم تصحيحه وتصويبه، في إطار من الاجتهاد النظري والتجديد الفكري، بل كانت مسألةَ أرواحٍ وإهدار دماء كالأنهار، واجتراءٍ على منجزات الإنسان وهدمها حيثما كانت، ومتى قدر على تدميرها..
إن هذه الشرذمة الشاردة عن نهج الدين كانت إلى عهد قريب محدودة الأثر والخطر، وكانت من قلة العُدَّة وضعف العتاد عاجزة عن تشويه صورة المسلمين، إلَّا أنَّها الآن، أوشكت على أن تُجيِّشَ العالَم كُلَّه ضِدَّ هذا الدِّين الحنيف، وحَسْبُنا ما يُسمَّى بـ«ظاهرة الإسلاموفوبيا» في أقطار الغرب الشمالية والجنوبية، والتي انعكست آثارها البالغة السوء على المواطنين المسلمين في هذه الأقطار.
ولسنا الآن بصدد البحث في ظاهرة الإسلاموفوبيا، ولا في الإرهاب الذي يرعى هذه الظاهرة ويُرضعها كلَّ يوم لِبان الكراهية للإسلام والمسلمين، وهل الإرهاب صناعة محلية، أو صناعة عالمية، أُحكِمَت حلقاتُها، ثم دُبِّرت بليل في غفلة، أو في تواطئ مع كثيرٍ من الساهرين على حقوق الإنسان، ومن رُعاة السلام العالمي والعيش المشترك والحريَّة والمُساواة، وغير ذلك مما جاء في المواثيق الدولية التي نحفظها عن ظهرِ قلب..
وفي اعتقادي أنَّ البحث في كل ذلك هو أوجب ما تُعقد له الندوات، وألزم ما يلزم رجال الدين والمُفكِّرين، وأحرار العالَم وعُقلاءه لتعرية هذا الوباء الحديث، وتحديد المسئول عنه، وعن الدِّماء والأشلاء التي تُراق كل يوم على مذابحه وتقدم قرابين لأوثانه وأصنامه.
على أن المتأمل المنصف في ظاهرة الإسلاموفوبيا لا تخطئ عيناه هذه التفرقة اللامنطقية، أو هذا الكيلَ بمكيالين بين المحاكمة العالمية للإسلام من جانب، وللمسيحية واليهودية من جانب آخر، رُغم اشتراك الكل في عريضة اتهام واحدة، وقضية واحدة هي قضية العنف والإرهاب الديني، فبينما مرَّ التطرُّف المسيحي واليهودي بردًا وسلامًا على الغرب دون أن تُدنَّس صورة هذين الدينين الإلهين؛ إذا بشقيقهما الثالث يُحبَسُ وحده في قفص الاتهام، وتجري إدانتُه وتشويه صورته حتى هذه اللحظة..
نعم! لقد مرَّت بسلام أبشع صور العنف المسيحي واليهودي في فصلٍ تامٍّ بين الدِّين والإرهاب، ومنها على سبيل المثال: اعتداءات مايكل براي بالمتفجرات على مصحات الإجهاض، وتفجير في تيموثي ماكْفي للمبنى الحكومي بأوكلاهوما، وديفيد كوريش، وما تسبَّب عن بيانه الديني من أحداث في ولاية تكساس.. دع عنك الصراع الديني في أيرلندة الشمالية، وتورط بعض المؤسسات الدينية في إبادة واغتصاب ما يزيد على مائتين وخمسين ألفًا من مسلمي ومسلمات البوسنة.
الحضـور المهيب الجليــل!
ما قصدتُ- علم الله- من هذه المقدمة التي طالت ربما أكثر مما ينبغي، أن أنكأ جراحًا، أو أُذكيَ صِراعًا بين الإنسان وأخيه الإنسان، فما هذه رسالة الأديان ولا رسالة الأزهر الشريف، ولا رسالة الشرق المتسامح، بل ولا رسالة الغرب المُتحضِّر المُتعقِّل، ولكن أردت أن أقول: إن الإسلاموفوبيا إذا لم تعمل المؤسسات الدينية في الشرق والغرب معًا للتصدي لها، فإنها سوف تطلق أشرعتها نحو المسيحية واليهودية إن عاجلًا أو آجلًا، ويومها لا تنفع الحكمة التي تقول: «أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّورُ الأَبيَض»، فالمتربصون بالأديان من الملحدين والمعلنين موت الإله والمروجين للفلسفات المادية والآتين من أقبية النازية والشيوعية، والداعين لإباحة المخدرات، وتدمير الأسرة، وإحلال نظام «الجنس الاجتماعي»، وقتل الأجنة في بطون أمهاتها، والتشجيع على الإجهاض وحق التحول إلى ذكر وأنثى حسبما يريد المتحول ومتى يشاء، والعاملين على إحلال العولمة محل القوميات، والداعين للعولمة، وإزالة الفوارق بين الشعوب، بعد القضاء على ثقافاتها، والقفزِ على خصائصها الحضارية والدينية والتاريخية، وهو نداء ينمو اليوم ويتطور مطالبًا بأن يكون ذلك من سلطات الاتحاد الأوربي..
كل هذه الدعوات وغيرها كثير، قادمة بقوة، وسوف تكتسح في طريقها أول ما تكتسح الأديان الإلهية؛ لأنَّها في نظرهم مصدر الحروب، فالمسيحية ولَّدت الحروب الصليبية، والإسلام ينشر الإرهاب والدماء، ولا حل إلَّا إزالة الدين من على وجه الأرض.. وهؤلاء يصمتون صمت القبور عن قتلى الحروب المدنية التي أشعلها الملحدون وغلاة العلمانيين، في مطلع القرن الماضي ومنتصفه، ولم يكن للدين فيها ناقة ولا جمل، مع أن أي تلميذ في مراحل التعليم الأولى لا يعييه أن يستعرض قتلى المذاهب الاجتماعية الحديثة، ليتأكد من «أن التاريخ لم يَحْصر من ضحايا الأديان منذ أيام الجهالة إلى العصر الحاضر عُشر معشار الضحايا الذي ضاعوا بالملايين قتلًا ونفيًا وتعذيبًا في سبيل نبوءات كاذبة لم تثبت منها نبوءة واحدة، بل ثبت بما لا يقبل الشك أنها مستحيلة على التطبيق».
أيها الحفل العلمي الكبير!
أظنكم تتفقون معي في أن تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفي أمام هذه التحديات المتوحشة، وأن خطوة أخرى يجب علينا أن نبادر بها، وهي: النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياتها إلى هذا الواقع المضطرب، وأن هذه الخطوة تتطلَّب- من وجهة نظري-تجهيزاتٍ ضروريةً، وأولها إزالة ما بين رؤساء الأديان وعلمائها من بقايا توترات وتوجسات لم يَعُد لوجودها الآن أيُّ مُبرِّر، فما لم يتحقق السلام بين دُعاته أوَّلًا لا يمكن لهؤلاء الدُّعاة أن يمنحوه للناس، وأنَّى لفاقد شيء أن يمنحه لغيره!
وهذه الخطوة بدورها لا تتحقَّق إلَّا مع التعارف الذي يستلزم التعاون والتكامل، وهو مطلب ديني في المقام الأول، والإسلام الذي أعتز بالانتساب إليه ينبهنا إلى ذلك في آية قرآنية يحفظها المسلمون والمسيحيون معًا من كثرة ما تردَّدت على الأسماع في المحافل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّأَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات:13].
كما ينبهنا الإسلام إلى حق أصيل فطر الله الإنسان عليه، وهو حق الحرية والتحرر من الضغوط، وبخاصة: ما يتعلق بحرية الدين والاعتقاد والتمذهب: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: 256]، ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99]، ﴿لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: 22]، ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ﴾ [الشورى: 48].
وكان من بين البنود التي اشتمل عليها كتاب رسول الله ﷺ إلى أهلِ الْيَمَنِ، وأنه: «مَنْ كَرِهَ الْإِسْلَامَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ، فإنَّهُ لَا يُحَوَّلُ عَنْ دِينِهِ». إلى آخر كل هذه النصوص الدينية المُؤسسَة لحقِّ الحُريَّة والتحرُّر.
هذا.. والأزهر حين يدعو إلى نشر مفهوم «المواطنة» بديلًا عن مصطلح «الأقلية والأقليات»، فإنما يدعو إلى مبدأ دستوري طبقه نبي الإسلام ﷺ على أول مجتمع مسلم في التاريخ، وهو دولة المدينة، حين قرر المساواة بين المسلمين من مهاجرين وأنصار، ومِن اليهود بكل قبائلهم وطوائفهم بحسبان الجميع مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وقد حفظ لنا تراث الإسلام في هذا الموضوع وثيقة مفصَّلة في شكل دستور لم يعرفه التاريخ لنظام قبل الإسلام.
السـادة الأجـــلاء!
أطلتُ عليكم وعُذري أنَّ حُسْنَ استماعكم أغراني بقراءةِ كل ما جاء في هذه الورقة من همومٍ وآلامٍ.
وختامًا، أتقدَّم بخالص الشكر للسيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي – رئيس جمهورية مصر العربية، الذي رحَّب بأن يرعى هذا المؤتمر برعايته الكريمة؛ تقديرًا لدوركم الكبير في الدعوة إلى السلام والحرية والمواطنة والتعايش المشترك بين الناس، كما أشكر ضيوفنا الكِرام والسَّادة الحضور، وكل الإخوة والزملاء والطلاب والعاملين الذين سهروا من أجل إعداد المؤتمر إعدادًا أرجو أن يكون محل رضاكم وقبولِكم، وأعتذر لضيوفنا من الخارج ومن الداخل أيضًا عن أي تقصير من جانبنا في خدمتكم على الوجه الأكمل..